الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014


ملاعبة الأطفال والرأفة بهم:


هؤلاء الأطفال ذوو النفوس الصافية ، أحوج الناس إلى الرحمة بهم ، والعطف عليهم ، فهم يحسون بحسن المعاملة حسب مداركهم ، ويهتمون بمن يوادهم منذ نعومة أظفارهم .
فاللعب حق من حقوق الصغار ، وهو رمز لحيويتهم ونشاطهم ، ويرى (فروبل) أن الطفل الذي يلعب بنشاط ، ولا ينفك يلعب حتى يصيبه الإجهاد فيكف ؛ هذا الطفل سيكون في مستقبل حياته شخصاً ذا إرادة وعزيمة يكافح ويستميت في النضال لخيره وخير غيره
فالأطفال هم الأطفال ، اللهو وحب اللعب من طبيعتهم ، والإسلام يعطي الطفولة حقها ويراعي الفطرة الإنسانية فلا يكبتها .
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت : « دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا ألعب بالبنات (أي اللعب) فقال : ما هذا يا عائشة ؟ قلت : خيل سليمان ولها أجنحة فضحك » .

كان هذا والسيدة عائشة جارية صغيرة السن ، يراعي رسول الله سنها ودواخلها الفطرية ، فلا ينهرها كما يفعل بعض الجفاة ، ولذا هي بقلبها الكبير النابض بحب الخير ، تصبح من أمهات المؤمنين اللواتي يتسع عقولهن لمختلف فنون العلم والتي قد يعجز عن مثلها الرجال .
فما كان لهو الطفولة سبباً يباعد بينها وبين النبوغ ..
وهكذا فمن أهم واجبات المربي ولا سيما الأم أن تلعب مع أطفالها بمرح وحبور بعيداً عن الأنفة والكبر ، يقول معاوية -رضي الله تعالى عنه- : ( من كان له صبي فليتصاب له ) .
ولا يفوتنا أن الغرض من اللعب ليس التسلية فقط ولا تمضية الوقت وبعثرته وإنما نهدف إضافة إلى الترويح والتسلية أهدافاً نبيلة مفيدة تجعل اللعب في خدمة المثل ، توجهها الأم الحكيمة الوجهة التي تريدها وترضي ربها .
ففي اللعب التمثيلي يتعلم الأطفال الآداب الإسلامية التي تحرص على تمثلها والعمل بها فيتعلم الأطفال آداب الحديث والزيارة والاستئذان والطعام والشراب ، وفي تمثيل الطبيب تشيع البهجة بين الأم وأطفالها ، ويتعلم الطفل مساعدة المحتاج ، وكذا تمثيل رجل المرور حيث يتعلم آداب السير .
هذا وليست العبرة في كثرة الألعاب ، أو غلاء ثمنها .. إن ميزاناً يعمل للطفل من أغطية العلب الفارغة ويبيع فيه في دكانه له أثر كبير في تنمية خياله وتوجيهه إلى أدب التعامل بما يتناسب مع طفولته .
ومن روائع ملاعبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- للأطفال ، أنه مر بعبد الله بن جعفر وهو يبيع مع الصبيان (أي يلعب لعبة البيع) فقال : « اللهم بارك له في بيعه » .

ومع إتاحة الفرصة للأطفال في اللعب ، لا يصح أن نمكنهم من الألعاب المحرمة حتى لا يعتادوها : ( مر ابن سيرين على غلمان يوم العيد بالمربد وهم يتقامرون بالجوز فقال : يا غلمان لا تقامروا فإن القمار من الميسر ) .
وفي اللعب الجماعي وانتظار الدور يتعلم الأطفال الصبر واحترام رغبات الغير ، والبعد عن العزلة والحرية المنضبطة ، والابتعاد عن الخطر ، وتعلم وسائل الأمن والسلامة والبعد عن الأنانية .
كما يزداد محصول الطفل اللغوي ونموه العقلي إذ يتفتح ذهنه في كل لحظة على جديد ، ويتعلم الطاعة وفن القيادة ، ونصرة المظلوم .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق